
وجاءت أبرز سلبيات التقرير، حسب توصيف الجهاز، هى عدم شعور الفقراء والطبقة المتوسطة بنتائج الإصلاح الاقتصادى، فى ظل ارتفاع أسعار السلع والخدمات، وتأجيل سداد بعض الأعباء المالية لخفض عجز الموازنة، وإلقاء العبء على الموازنات التالية. وأن قيمة الدين الداخلى حاليا تعد من أعلى النسب على مستوى العالم، كما ارتفع معدل التضخم من ٤.٢% عام ٢٠٠٦ إلى ١١.٧% عام ٢٠٠٨، ولفت التقرير الانتباه إلى خطورة تفشى ظاهرة تهريب السلع وإغراق الأسواق بمنتجات مجهولة المصدر، واتجاه بعض كبارالتجار والمستوردين لسياسة تعطيش السوق لتحقيق أرباحا خالية على حساب السواد الأعظم من المواطنين.
كما انتقد التقرير أداء الحكومة فى تقديم الخدمات العامة والاجتماعية، مؤكدا على سوء أحوال المستشفيات ونقص الأدوية، ووجود أكثر من مريض على سرير واحد، وفشل المسؤولين فى تبرير أزمات الخبز، وغرق العبارة وانهيار الدويقة وحوادث الطرق، فتفاقمت أزمة الثقة بين المواطنين والحكومة.
وحذر التقرير من عدم الاستخدام الأمثل لبعض القروض والمنح الخارجية، وفى هذا السياق أكد التقرير عدم دقة دراسات الجدوى السابقة على تمويل بعض المشروعات سواء من الناحية المالية أو الفنية، مما ترتب عليه عدم الاستفادة من المبالغ المتاحة فى نطاق بعض الاتفاقيات أو التأخر فى تنفيذ البعض الآخر، وعدم استكمال بعض المشروعات لعدم كفاية المبالغ المخصصة لها، وعدم وفاء بعض المقاولين بالتزاماتهم التعاقدية مما ترتب عليه تأخر الانتهاء من تنفيذ بعض المشروعات وتعطل سير العمل فى البعض الآخر، والتسيب فى المحليات الذى وصل لدرجة الفساد، خاصة فى قطاع الإسكان والبناء.
ورغم إشارة التقرير إلى ارتفاع معدل النمو الاقتصادى عام ٢٠٠٧/٢٠٠٨ إلى نحو ٧.٢٪ مقابل ٧.١٪ عن العام السابق، وباستبعاد معدل الزيادة فى عدد السكان البالغ ١.٩٪، يبلغ صافى معدل النمو الاقتصادى نحو ٥.٣٪ فى حين أشار إلى أن الخطة الخمسية السادسة استهدفت معدلاً للنمو قدره ٨٪ سنويًا.
وارتفاع الفائض الكلى فى ميزان المدفوعات عام ٢٠٠٧/٢٠٠٨ إلى نحو ٥.٤ مليار دولار، مقابل نحو ٥.٣ مليار فى العام السابق، إلى جانب زيادة صافى تدفق الاستثمار الأجنبى الوارد إلى مصر عام ٢٠٠٧/٢٠٠٨ إلى نحو ١١.٩ مليار دولار، مقابل ١٠.١ مليار عن العام السابق.
وزيادة صافى تدفق الاستثمار الأجنبى المباشر الوارد إلى نحو ١٣.٢ مليار دولار مقابل نحو ١١.١ مليار دولار فى العام السابق، كما ارتفع صافى رصيد الاحتياطى النقدى الدولى إلى ٣٤.٦ مليار دولار فى ٣٠/٦/٢٠٠٨ مقابل ٢٨.٦ مليار فى العام السابق، إلى جانب استمرار زيادة قيمة الجنيه المصرى مقابل الدولار بنحو ٣.٥٪، حيث بلغ متوسط سعر صرف الدولار الأمريكى نحو ٥٥١ قرشًا، عام ٢٠٠٧/ ٢٠٠٨، مقابل ٥٧١ قرشًا فى العام السابق.
وزيادة حصيلة الضرائب على الدخل إلى ٧٦.٣ مليار جنيه بزيادة ١٠ مليارات جنيه عن العام السابق، والضرائب على المبيعات من ٣٠.٩ مليار إلى ٣٩.٧ مليار جنيه، وحصيلة الجمارك من ٩.٩ مليار إلى ١٤.٠٤ مليار جنيه، إلى جانب زيادة المبالغ المخصصة للدعم عامًا بعد عام لتصل إلى ٨٤.٢ مليار جنيه بزيادة قدرها ٣٠.٢ مليار جنيه عن العام السابق.
بالاضافة غلى استمرار المديونية الخارجية لمصر البالغة ٣٣.٩ مليار دولار فى الحدود الآمنة، وارتفاع المؤشرات الاقتصادية لأداء الهيئات الاقتصادية.
إلا أن ما تحقق من إنجازات اقتصادية لم يشعر بها البسطاء والفقراء ومحدودو الدخل والطبقة المتوسطة.
ومن ثم يؤكد تقريرالجهاز المركزى على ضرورة أن تكون السياسات المالية والاقتصادية للحكومة أكثر انحيازاً للغالبية العظمى من المواطنين وبما يحقق العدالة الاجتماعية.
وأشار إلى أن تقرير البنك الدولى أوضح أن الأداء الاقتصادى الكلى فى مصر لم يؤد إلى تحسن فى مستوى معيشة الفقراء (عند وتحت مستوى خط الفقر)، فمازالت نسبة الفقر الحالية ١٨٪ وتبلغ ٤٠٪ فى صعيد مصر، والاعتقاد السائد بأن التنمية الاقتصادية تعود بالنفع على شريحة معينة من السكان بطريقة غير متناسبة، هذا بالإضافة إلى استمرار معدلات البطالة لعدم التوافق بين المهارات واحتياجات سوق العمل.
كذلك رصد التقرير استمرار الفجوة بين الاستخدامات والموارد الفعلية وأسفرت نتائج التنفيذ الفعلى للموازنة العامة للدولة عن السنة المالية ٢٠٠٧/٢٠٠٨ عن عجز بلغ نحو (٧٠) مليار جنيه، وباستقراء الحسابات الختامية للسنوات السابقة، يتضح زيادة الفجوة بين الاستخدامات والإيرادات الفعلية عاماً بعد عام.
وعلى سبيل المثال فقد كان الفرق فى السنة المالية ٢٠٠٠/٢٠٠١ نحو (٣٤.٢) مليار جنيه، فأصبح (٤٥.٣) مليار جنيه فى السنة المالية ٢٠٠١/٢٠٠٢ ثم أصبح (٥٢.١) مليار جنيه فى السنة المالية ٢٠٠٠٢/٢٠٠٣ ثم أصبح (٥٥.٤) مليار جنيه فى السنة المالية ٢٠٠٣/٢٠٠٤ ثم أصبح (٦١.٤) مليار جنيه فى السنة المالية ٢٠٠٤/٢٠٠٥ ثم أصبح (٧٤.٨) مليار جنيه فى السنة المالية ٢٠٠٥/٢٠٠٦ ثم تراجع وأصبح (٦٢.٢) مليار جنيه، فى السنة المالية ٢٠٠٦/٢٠٠٧ نتيجة زيادة المتحصلات الناتجة عن إصدار الرخصة الثالثة للمحمول التى بلغت نحو (١٥.٣) مليار جنيه، ثم أصبح (٧٠) مليار جنيه فى السنة المالية ٢٠٠٧/٢٠٠٨.
وعن الدين العام الداخلى أشار التقرير إلى أنه طبقاً للبيانات الصادرة عن البنك المركزى المصرى، وبنك الاستثمار القومى، بلغ صافى رصيد الدين العام الداخلى فى ٣٠/٦/٢٠٠٨ (٦٦٦.٩) مليار جنيه بنسبة ٧٤.٤٪ من الناتج المحلى الإجمالى (بلغت قيمته ٨٩٦.٥ مليار جنيه مقوماً بأسعار السوق الجارية) مقابل ٦٣٧.٤ مليار جنيه فى ٣٠/٦/٢٠٠٧ بنسبة ٨٥.٦٪ من الناتج المحلى الإجمالى (٧٤٤.٨ مليار جنيه).
ورغم انخفاض نسبة صافى رصيد الدين العام الداخلى قد من ٨٥.٦٪ إلى ٧٤.٤٪ إلا أن هذه النسبة تعتبر نسبة مرتفعة، وهى من أعلى النسب بين الدول العربية والأجنبية.
ومن الملاحظ أن نسبة الدين العام بشقيه المحلى والخارجى، إلى الناتج المحلى الإجمالى، من أهم المؤشرات الاقتصادية المستخدمة للحكم على مدى سلامة مستوى الدين العام، وهو المعيار المستمد من معاهدة «ماستر يخت» كشرط لدخول الكتلة النقدية للاتحاد الأوروبى، ووفقاً لذلك المعيار يجب ألا تتجاوز تلك النسبة ٦٠٪ حتى يمكن القول بأن الدين العام يتحرك فى حدود آمنة وقد بلغت هذه النسبة لدينا فى ٣٠/٦/٢٠٠٨ ٩٤.٥٪.
كما رصد التقرير زيادة فى عبء خدمة الدين العام الحكومى الداخلى والخارجى (الأقساط والفوائد) وأن عبء خدمة الدين العام الحكومى الداخلى والخارجى (أقساط وفوائد) بلغ نحو ٥٨.٦ مليار جنيه عن العام المالى ٢٠٠٧/٢٠٠٨ مقابل نحو ٥٣.٥ مليار جنيه عن العام المالى ٢٠٠٦/٢٠٠٧ بزيادة بلغت نحو ٥.١ مليار جنيه بنسبة ٩.٥٪.
وانتقد التقرير تركز تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر للداخل حسب الأنشطة والبالغ قيمته نحو ١٧.٨ مليار دولار عام ٢٠٠٧/٢٠٠٨ مقابل نحو ١٣.١ مليار دولار عام ٢٠٠٦/٢٠٠٧ مع استحواذ قطاع البترول على نسبة ٤٥.٥٪ من جملة تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر للداخل حيث بلغ ٨.١ مليار دولار.
وارتفاع معدل التضخم طبقاً لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فقد ارتفع معدل التضخم وفقاً للرقم القياسى لأسعار المستهلكين بحضر الجمهورية على النحو التالى إلى ١١.٧٪ فى عام ٢٠٠٧/٢٠٠٨ بينما كان ١٠.٩٪ فى العام السابق.
كما بلغت قيمة الاستثمارات فى الهيئات العامة الاقتصادية نحو ١٣.٤ مليار جنيه تمثل نحو ٢.٦٪ من إجمالى الاستخدامات البالغة ٥١٤.٥ مليار جنيه فى السنة المالية ٢٠٠٧/٢٠٠٨، وهى نسب محدودة باعتبار أن الاستثمارات هى الركيزة الأساسية التى تعتمد عليها برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وكشف التقرير عن وجود العديد من المشكلات والمعوقات التى تحد من فاعلية الجهود المبذولة لتحسين مناخ الاستثمار فى مصر، منها ضعف المناخ الإدارى الذى يعكس مستوى الكفاءة الإدارية وضعف التنسيق بين الوزارات المعنية وتعدد التشريعات المنظمة للاستثمار واستمرار قصور نظام المعلومات وصعوبة الحصول على بيانات ومعلومات دقيقة تتسم بالشفافية مع تأخر ترتيب مصر فى العديد من المؤشرات الدولية ذات العلاقة بالاستثمار من أهمها مؤشر سهولة أداء الأعمال حيث احتلت مصر الترتيب رقم ١١٤ من بين ١٨١ دولة على مستوى العالم، والترتيب رقم ١١ من بين ١٩ دولة عربية شملها المؤشر.
وطبقاً للنشرات الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفعت أسعار الأقسام والمجموعات الرئيسية للسلع والخدمات عام ٢٠٠٧/٢٠٠٨ بنسبة ١٢.٤٪ فى المتوسط عن العام السابق. وبالنسبة لمجموعة الطعام والشراب ارتفعت بنسبة ١٨.٤٪ وداخل مجموعة الطعام والشراب، وبالنسبة للخدمات ارتفعت أسعار خدمات التعليم بنسبة ٢٦.٤٪ والكهرباء والغاز ٩.٣٪
وهكذا بالنسبة لبقية أسعار السلع والخدمات ومن ثم لم يعد أغلب المواطنين قادرين على مواجهة الارتفاع المتزايد فى الأسعار وأكد التقريرأن الحكومة لم تنجح فى السيطرة على الأسعار فى السوق المصرية سواء أسعار مواد البناء أو الأسمدة، أو أسعار الأقسام والمجموعات الرئيسية للسلع والخدمات.
ورصد التقرير تدنى مستوى الرعاية الصحية للمواطنين، إلى جانب تدنى مستوى التعليم بالمؤسسات التعليمية الحكومية فى مصر، سواء التعليم العام أو التعليم الفنى الصناعى والزراعى والتجارى، أو التعليم الجامعى. الخلاصة تدنى مستوى التعليم بالمؤسسات التعليمية الحكومية، وبعبارة أخرى ليس لدينا تعليم متميز، وليس لدينا تعليم تنافسى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق